اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
98186 مشاهدة print word pdf
line-top
صفات المنافقين

...............................................................................


في هذا الحديث أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعلاماتهم أخبر بعلاماتهم يقول: إن للمنافق علامات ذكر منها أربع: العلامة الأولي: الخيانة إذا اؤتمن خان والثانية: الكذب إذا حدث كذب والثالثة: الغدر إذا عاهد غدر والرابعة: الفجور إذا خاصم فجر ومعنى ذلك أن هذه علامات يعرف بها أن هذا من المنافقين، فمتى اجتمعت فيه عرف بذلك أنه منافق؛ بمعنى أنه يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وأن هذه العلامات دليل على أن قلبه كافر، وأنه مع المؤمنين في الظاهر ومع الكفار في الباطن، وأنه على المؤمنين وليس معهم وليس لهم.
لا شك أن هذه الخصال خصال مذمومة، وتدل على بشاعة وقلة إيمان من اتصف بها, وإذا اتصف المسلم بواحدة منها تبين أنه ناقص الإيمان.
فالخيانة معناها عدم الأمانة إذا اؤتمن خان الأمانة قد تكون وديعة مالية، وقد تكون سرا من الأسرار، وقد تكون مالا أو دينا يكون عند الإنسان واجب عليه أن يؤدي هذه الأمانة، ولا يخون فيها، قال الله تعالى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ متى أُمن الإنسان على أمانة فعليه أداؤها، وقال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . أي مراقبون لها وراعون لها؛ فهذا دليل على أن أداء الأمانة من صفة أهل الإيمان وأهل الصلاة، فخيانة الأمانة تعتبر من صفات المنافقين.
إذا كانت الأمانة وديعة فخيانتها أن يأخذ منها, إذا أودعت عنده دراهم في كيس أو نحوه فإنه يتجرأ ويأخذ منها, وإذا ردها عليك قال: ما أخذت هذا الذي أودعتني، ومن الخيانة إنكارها، وجحدها أن يقول: ما أودعت عندي شيئا ولا أعرفك، وليس لك عندي وديعة، ولا أعرف أنك أتيتني، فينكر ذلك يريد أن يستبد بها وأن يأخذها لنفسه.
كذلك أيضا من الخيانة إنكار الديون؛ الدين الذي عنده لك ينكره، ويقول: ليس عندي شيء ولا أعرف أني استدنت لك، أو قد أوفيتك وأعطيتك فيكون ذلك خيانة منه لهذا الدين الذي ائتمنته، وأعطيته ووثقت به ولم تثبته ولم تكتب عليه شيئا، أو ادعى أنه أوفاك وهو لم يوفك يعتبر هذا أيضا خيانة.
ومن الخيانة أيضا خيانة الأسرار، الإنسان قد يطلع على أسرار أخيه ثم يكون هذا السر أمانة، تقول له: لا تطلع أحدا على ما أسررت إليك، إذا أسررت إليه خبرا أو أمرا من أمرك أنت، تقول: أني استفدت كذا ولا أحب أن يطلع عليه أحد، أني تعاملت مع فلان بكذا ولا أحب أن يطلع على ذلك أحد، أني أريد أن أعامل فلانا بكذا ولا أحب أن يفشو هذا الأمر؛ فيعتبر هذا سرا فإذا أفشي هذا السر الذي أخبرته اعتبر هذا خيانة لهذه الوديعة؛ أي لهذه الأمانة التي ائتمنته عليها.
ولا شك أن في إفشاء هذه الأسرار وفي خيانتة لهذه الأمانات ضرر على المسلمين، ضرر على هذا الذي أفشي سره وأبيح أمره، وانتشر ذكر عمله الذي لا يحب أن يطلع عليه أحد، إذا أطلعته على مالك وعلى ذخائرك وعلى ودائعك وما أشبه ذلك، أو أطلعته على سر بينك وبين أهلك أو معاملة بينك وبين صديق، فلا يجوز له أن يفشي ذلك فإذا أفشاه فقد خان الأمانة.

line-bottom